أشار أخصائي في كليفلاند كلينك، نظام الرعاية الصحية العالمي، قبيل انطلاق فعاليات اليوم العالمي للتوعية بمتلازمة القولون العصبي الموافق لـ19 أبريل، إلى وجود خيارات متعددة متعلقة بأسلوب الحياة يمكنها أن تقلل إلى حد كبير من مخاطر إصابة الأفراد بمتلازمة القولون العصبي، كما يمكن لهذه العادات الصحية أن تشكل جزءاً من التوجه الشامل لإدارة الحالات الحالية لمتلازمة القولون العصبي.
وتعتبر متلازمة القولون العصبي مرضاً شائعاً يصيب الجهاز الهضمي ويتسبب للمرضى بعدم الراحة وآلام في البطن واضطرابات في حركة الأمعاء. وتشير تقديرات المؤسسة الدولية لاضطرابات الجهاز الهضمي إلى أن نحو 5-10% من سكان العالم يعانون من متلازمة القولون العصبي، وأن النساء أكثر عرضة للإصابة بالمرض من الرجال، وأن أغلب المصابين به هم دون سن الـ50 عاماً، وأنه يتم تشخيص العديد من المرضى بالإصابة بعد مرور أعوام طويلة من ظهور الأعراض.
وقال الدكتور أنتوني ليمبو، مدير الأبحاث في معهد أمراض الجهاز الهضمي في كليفلاند كلينك: “لا تزال أسباب متلازمة القولون العصبي غير معروفة، لكن الباحثين حددوا مجموعة من عوامل الخطر للإصابة بالمرض والتي تشمل التغير في بكتيريا الأمعاء، والتهابات الجهاز الهضمي الشديدة، وعدم تحمل الأطعمة، والضغوط والتوتر في مرحلة الطفولة، ومشاكل التنسيق بين العقل والأمعاء. وأظهر بحث أُجري مؤخراً أن القيام ببعض التعديلات في أسلوب الحياة يمكنه التقليل من مخاطر إصابة الأفراد بمتلازمة القولون العصبي بشكل كبير”.
وأشار الدكتور ليمبو إلى دراسة شارك فيها وتم نشرها في وقت سابق من العام الجاري في مجلة “غات” (Gut) البريطانية لأمراض الجهاز الهضمي، والتي تم خلالها متابعة نحو 64,268 راشداً في المملكة المتحدة تتراوح أعمارهم ما بين 37 و73 عاماً (متوسط العمر هو 55 عاماً) لفترة 12.6 عاماً، وكانوا جميعاً ممن لم يتم تشخيصهم سابقاً بمتلازمة القولون العصبي.
وأضاف: “سلطت دراسة مجلة ’غات‘ (Gut) الضوء على خمس عادات متعلقة بأسلوب الحياة يمكنها أن تقلل وبصورة ملموسة من مخاطر إصابة الأفراد بمتلازمة القولون العصبي، وبيّنت أنه يمكن توظيف التعديلات على أسلوب الحياة كاستراتيجية وقائية أساسية. وتعتبر هذه العادات مفيدة للصحة بشكل عام، ولقد نجح الأفراد الذين قاموا بتطبيق ثلاث من أصل خمس عادات في أسلوب حياتهم في خفض مخاطر إصابتهم بمتلازمة القولون العصبي بنسبة 42%”.
وتشمل عناصر أسلوب الحياة الخمسة ما يلي: الحصول على قدر كافٍ من النوم (من سبع إلى تسع ساعات يومياً)؛ وممارسة الأنشطة البدنية بانتظام؛ واتباع نظام غذائي صحي ومتوازن؛ وعدم التدخين؛ وتقليل استهلاك الكحول.
وفي تعليقه على كيفية تطبيق هذه العادات في أسلوب الحياة بصورة عملية، أوضح الدكتور ليمبو بأنه يمكن للأفراد تحسين جودة النوم من خلال اتباع مبادئ صحة النوم مثل تقليل الوقت الذي يقضونه على الشاشات قبل النوم، ووضع برنامج ليلي، وتجنب المشروبات التي تحتوي على الكافيين في المساء. أما في ما يخص النظام الغذائي، فإن اتباع برنامج غذائي مثل حمية البحر الأبيض المتوسط هو أمر على قدر كبير من الأهمية إذ تتضمن هذه الحمية كمية كبيرة من الألياف وتركز على الأطعمة غير المعالجة. وأما بخصوص ممارسة التمارين الرياضية، فإن ممارسة 30 دقيقة من التمارين الرياضية متوسطة إلى مرتفعة الشدة ثلاث إلى خمس مرات أسبوعياً هي مفيدة في هذا السياق، ولكن يجب القيام بذلك بحسب مستوى صحة الفرد وبعد الحصول على موافقة الطبيب.
إدارة متلازمة القولون العصبي
بيّن الدكتور ليمبو أنه يمكن للمصابين بمتلازمة القولون العصبي إجراء التغييرات المذكورة نفسها في أسلوب الحياة حيث أثبتت هذه التغييرات فعاليتها في إدارة حالة المرض أيضاً، وتم إدراج التوصيات المتعلقة بها في العديد من الإرشادات الدولية بصفتها الخط العلاجي الأول.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للأفراد التعاون مع فرق الرعاية الصحية الخاصة بهم من أجل تحديد المحفزات الفردية لنوبات متلازمة القولون العصبي ومعالجتها والتي تشمل العديد من العناصر بدءاً من التوتر وصولاً إلى تناول دواء أو طعام معين. وفي حال كان الطعام هو المحفز، فإنه يمكن للبرامج الغذائية التي تنص على تجنب تناول بعض الأطعمة والتي يتم الالتزام بها بالتشاور مع الطبيب، المساعدة في تخفيف الانزعاج وتحديد الأطعمة التي تسبب نوبات متلازمة القولون العصبي. وتشمل الأطعمة التي عادة ما يتم إسقاطها من الأنظمة الغذائية كلاً من الغلوتين ومنتجات الألبان والسكر والأطعمة المعبأة والمعالجة.
وأشار الدكتور ليمبو إلى أن التغييرات في أسلوب الحياة وتجنب المحفزات التي تتسبب بالنوبات قد لا تكون خطوات كافية لوحدها في حالة العديد من المرضى، وقال في هذا السياق: “يركز مستشفى كليفلاند كلينك على الرعاية الشاملة متعددة التخصصات، كما توجد هناك عدة خيارات دوائية لمعالجة بعض أعراض متلازمة القولون العصبي والحالات الأساسية المرتبطة بها، كما أن الأساليب العلاجية السلوكية قد تكون مفيدة كذلك”.
واختتم الدكتور ليمبو: “يوفر اليوم العالمي للتوعية بمتلازمة القولون العصبي فرصة مثالية لتشجيع الأفراد على تجنب المعاناة الصامتة من أعراض أمراض الجهاز الهضمي، إذ ليس جيداً أن يقوم الأفراد بتشخيص وعلاج أنفسهم بصورة ذاتية لأن أعراض متلازمة القولون العصبي غالباً ما تكون مشتركة مع أعراض أمراض جهاز هضمي أخرى بعضها خطير. ويمكن لتشخيص وعلاج متلازمة القولون العصبي تحسين جودة حياة الفرد بشكل كبير، وفي حالة عدم تشخيص الأفراد بأي مرض خطير آخر، فإنه يمكن تسريع علاج متلازمة القولون العصبي وبالتالي تحسين النتائج المحققة للمرضى”.