أشارت أخصائية في مستشفى كليفلاند كلينك، نظام الرعاية الصحية العالمي، قبيل انطلاق فعاليات اليوم العالمي للتوعية بمرض التوحد الموافق 2 أبريل الجاري، إلى أن النماذج المبتكرة التي توظف الرعاية الصحية عن بعد والتدخلات بمشاركة الوالدين يمكنها تأدية دور رئيسي في تحسين الرعاية الصحية والنتائج المحققة للأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد.
وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن 1 من كل 100 طفل هم مصابون باضطراب طيف التوحد في العالم.
وقالت الدكتورة سنثيا آر. جونسون، مديرة مركز كليفلاند كلينك للأطفال للتوحد في كليفلاند وأستاذة طب الأطفال: “لقد شهدت الأعوام القليلة الماضية تركيزاً أكبر على دور التدخلات التي يشارك فيها الوالدان بالنسبة للأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد. يمكن للعائلات أن تكون مصدراً جيداً لمساعدة الأطفال على تعلم المهارات المناسبة تنموياً وتعزيز استقلاليتهم وتوظيف قدراتهم الفريدة”.
وأضافت: “نظراً لإمكانية توفير تدريب الوالدين عبر المنصات المختلفة للرعاية الصحية عن بعد، فقد اكتسب تطوير هذه البرامج أهمية كبيرة خلال فترة الجائحة. ويتم حالياً تقييم هذه الطريقة بصفتها حلاً محتملاً للعائلات ذات القدرة المحدودة أو المعدومة على الوصول إلى المراكز المتخصصة للتوحد. وأظهرت الأبحاث التي أجراها فريق الأطفال في مستشفى كليفلاند كلينك ومؤسسات أخرى، إمكانية مقارنة النتائج المحققة لهذه الطريقة مع نتائج توفير التدريب بصورة شخصية”.
وأوضحت الدكتورة جونسون أن توظيف الخدمات الصحية عن بعد بهدف تقديم التدريب إلى الوالدين له فوائد عديدة من ضمنها تجاوز العوائق التي تحول دون مشاركة الوالدين، مشيرة إلى أن سهولة جدولة الزيارات الافتراضية تشجع العديد من أفراد الأسرة على المشاركة في خطط العلاج.
وعملت الدكتورة جونسون وزملاؤها في كليفلاند كلينك وفي جامعة كايس ويسترن ريسيرف على مشروعين بحثيين واسعي النطاق لدراسات الرعاية الصحية عن بعد والتوحد. وتم نشر نتيجة الدراسة التي أجريت حول التدخلات الخاصة بالنوم في وقت سابق، في حين أن نتائج الدراسة الأخرى سيتم نشرها قريباً. وكانت النتائج الأولية مشجعة، وأظهرت فوائد مشاركة أفراد العائلة، كما سلطت الضوء على تفضيل الكثير من العائلات للمشاركة في معالجة أطفالها. بالإضافة إلى ذلك فقد أظهرت دراسة النوم نتائج إيجابية لبرامج الرعاية الصحية عن بعد لتدريب الوالدين حيث كانت هذه النتائج مقاربة للنتائج المسجلة في التدريب المقدم بصورة شخصية.
وتقدم برامج تدريب الوالدين توجيهات إلى الأهالي بخصوص مبادئ تحليل السلوك التطبيقي، كما توفر استراتيجيات مستهدفة وغير ذلك للمشاكل السلوكية والتغذية والنوم. وبيّنت الدكتورة جونسون أن هذه التدخلات لا تعود بفائدة كبيرة على الأطفال فحسب، بل على رفاه الأسرة بشكل عام، موضحة أن مشاركة الوالدين تقلل بشكل كبير من الضغوط التي تواجه الأهالي وتحسن شعورهم بالكفاءة.
أهمية التدخل المبكر
أكدت الدكتورة جونسون أنه بغض النظر عن نوع التدخل، فإن التوقيت يتمتع بأهمية كبيرة إذ يزيد التدخل المبكر من إمكانية تحقيق نتائج أفضل، ولذلك يجب على جميع الأهالي التنبّه للمؤشرات الأولية للمرض.
وأشارت الدكتورة جونسون إلى أن هناك مكونين رئيسيين لاضطراب طيف التوحد مع إمكانية التشخيص في مراحل مبكرة جداً تصل إلى العام الأول من عمر الطفل. يتمثل المكون الأول بالعجز عن التواصل و/أو العجز عن استخدام التواصل على الصعيد الاجتماعي، كأن يكون الطفل غير قادر على إجراء تواصل بصري واستخدام الإشارات غير اللفظية مثل الإشارة باليد أو التلويح، ويتمثل الثاني في ظهور السلوكيات المقيدة أو المتكررة.
وأضافت: “يجب على الأهالي ممن لديهم أطفال صغار وأطفال في سن ما قبل المدرسة التنبّه إلى تأخر الكلام والتطور غير الطبيعي في مهارات التواصل. يمكن أن تشمل الأعراض المحتملة عدم استخدام الإيماءات، أو الكلام أو العبارات المتكررة؛ والتقليد المحدود لأفعال الآخرين وعواطفهم؛ واللعب غير التقليدي والمتكرر والمقيد؛ والانخراط في حركات متكررة مثل رفرفة اليد أو نقر الأصابع؛ أو الحساسية المفرطة للصوت. وكلما تمكنا من التعرف على أعراض اضطراب طيف التوحد في وقت مبكر، كلما تمكنا من معالجة هذه الاختلافات بين هؤلاء الأطفال بشكل أسرع، والمساعدة في تجنب سلسلة من الاضطرابات التي قد تحدث في مرحلة النمو المبكر”.
ويتم التشخيص بعد مقابلة الأهالي والمدرسين إلى جانب إجراء اختبارات خاصة بالتوحد، وبناء على الظروف المحددة فإن هذه التقييمات هي أيضاً من المجالات المحتملة التي يمكن تقديمها بشكل جزئي أو كلي من خلال أساليب الرعاية الصحية عن بعد.
واختتمت الدكتورة جونسون بالتعليق على تطبيق نتائج الدراسات الجارية: “تظهر أبحاثنا وأبحاث المؤسسات الأخرى أن تقديم الرعاية الصحية عن بعد في تدخلات بمشاركة الوالدين تتمتع بالقدرة على تحسين إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية للأطفال المصابين بالتوحد، كما تعود بالفائدة على العائلات ككل. هناك العديد من العائلات التي تود أن تشارك بفعالية أكبر، ولذلك يمكننا بصفتنا مزود خدمات رعاية صحية العمل على اقتراح هذه الطريقة كخيار يمكن الاستفادة منه. ويمكننا أيضاً البحث في النماذج المختلفة التي تبين لنا أفضل السبل لتلبية الاحتياجات المحددة لكل طفل وعائلة، مثل توفير خيار نموذج هجين لتدخلات رعاية صحية إما عن بعد أو بصورة شخصية”.